أحوال النبي مع زوجاته في رمضان .
من تتبع حاله مع زوجاته صلى الله عليه وسلم في رمضان علم مدى التوازن الضخم الذي كان محققا له في حياته صلى الله عليه وسلم،
إذ كان كما وصف نفسه صلى الله عليه وسلم
( إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا ) ([1])،
( قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ) ([2])،
( أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدود الله ) ([3])،
وقد بان بعض ذلك من خلال ما سبق في أحواله صلى الله عليه وسلم مع ربه في رمضان، وفي المقابل كان مع نسائه صلى الله عليه وسلم كما وصف نفسه
فقال : ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)([4]).
وسيتم العمل في هذه الفقرة على تجلية خيريته لنسائه في رمضان وعشرته الحسنة معهن فيه، من خلال ما يلي:
1- تعليمهن رضي الله عنهن:
وهذا بيِّن لمن تأمل الأحاديث الواردة في حاله صلى الله عليه وسلم في رمضان، إذ يجد أن كثيراً منها من روايتهن، سواء شاركهن أحد الصحابة رضي الله عنهم في تلقيها عنه صلى الله عليه وسلم أم لم يشاركهن أحد، وكل ذلك تعليم وإرشاد.
ولعل من الأحاديث الدالة على ذلك:
حديث عائشة رضي الله عنها حين قالت : يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها، قال:
( قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني )([5])،
وحديثها رضي الله عنها
( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال، وكان بلال يؤذن حين يرى الفجر ) ([6])
ومن ذلك :
أ- حثه صلى الله عليه وسلم لهن رضي الله عنهن على فعل الخير وإتيان العمل الصالح.
ومن الأحاديث الدالة على ذلك حديث علي رضي الله عنه
( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان) ([7])،
وحديث عائشة رضي الله عنها قالت :
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول : تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) ([8])،
وحديث أبي ذر رضي الله عنه قال :
( ... ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، وصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح ؟ قال السحور ) ([9])،
وفي رواية قال :
( ... ثم كانت الرابعة فلم يقم بنا فلما بقي ثلاث من الشهر أرسل إلى بناته ونسائه وحشد الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا ) ([10]).
ومن هذه الآثار ندرك حكمة من حِكَم تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكثرتهن – مع انشغاله بأمر الأمة -، فقد كان ذلك جزءاً أساساً من عملية إرشاد الأمة وتعليمها الإسلام كافة بكل جوانبه الشمولية، ولم يكن جزء من ذلك ليتحقق لولا عنايته – عليه الصلاة والسلام – بتعليمهن : إرشاداً وتوجيهاً وإجابة وبياناً وترغيباً وترهيباً. وهذا فوق أنه منطلق دعوي مهم، فهو رعاية للمسؤولية الأولى، وحفظ لكيان البيت والأسرة من الجهل والكسل.
فَحَيَّ على أسركم يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم
قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة [ التحريم:6].
ب - إذنه صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضي الله عنهن بالاعتكاف معه.
يدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها :
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت ... ) ([11])
، وفي رواية قالت :
( فاستأذنته فأذن لي، واستأذنته حفصة فأذن لها ) ([12]).
--------------------
([1]) البخاري (20 ). ([2]) البخاري (7367 ). ([3]) المسند لأحمد : 5/434، واللفظ له، مسلم (1110 ).([4] ) الترمذي ( 3895 )، وقال : حسن غريب صحيح، وصححه الألباني في صحيح السنن ( 3056 ) .([5]) مسلم (1147 ). ([6]) ابن حبان ( 3473 )، وقال الأرنؤوط : وإسناده قوي، والمشتهر أن أذان بلال هو الأول لا أذان ابن أم مكتوم، انظر: مسلم ( 1092).
([7]) الترمذي ( 795 )، وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح السنن ( 736 )، وفي البخاري ( 2024 ) من حديث عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر ... وأيقظ أهله ). ([8]) البخاري ( 2020 ). ([9]) الترمذي ( 806 )، وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح السنن ( 646 ). ([10]) النسائي (1364)، وصححه الألباني في صحيح السنن: ( 1292 ).([11]) البخاري ( 2045 ). ([12]) المصنف لعبد الرزاق ( 8031 )، وهو حديث صحيح
--------------------
منقول لتعم الفائده
دعواتكم